Thursday, December 10, 2015

شارع السعادة

بتثاقل، حمل بدنه الضخم المُتعب و غادر العيادة، ليلتف فجأة رامياً نظرة غريبة يملؤها حزن و امتنان في الوقت ذاته قائلاً: "أشوف وجكم بخير".  بدت لي و كأنها المرة الأخيرة، فقد حفظت ملامحه و قصصه و كلامه و اوجاعه، بدا غريباً على غير العادة.

بشارع السعادة، منذ عقود، كان يمتلك محل أحذية، حتى جاء رئيس البلدية و صادره منه في الوقت الذي تم فيه تشخيصه بالمرض!
ليتحول من تاجر ميسور الحال، إلى رجل مريض يلجأ إلى صناديق المعونة.

أسمع القصة ذاتها في كل زيارة، و الدعاء ذاته على من أوصله إلى هذا الحال.  غير أنه و بالرغم مما يعانيه، بشوش و يتمتع بحس الفكاهة.
أخبرني اليوم، بأنه في شبابه كان قوي البنية، صحيح البدن و بأنه وقع في احدى المرات من الطابق الثاني ليقوم و يكمل عمله، و لم يتوقع في يوم أن يصبح ضعيفا و مريضا.

غادر العيادة، مخلِفاً وراءه صمتاً رهيباً و جواً كئيباً!

قررتُ نشر قصته، و تناولت مسكناً قبل البدء، عل الصداع يقل، و لكن حدة الصداع زادت!

تذكرت آيتين كريمتين؛ فيهما درسٌ لنا جميعاً:

"و خُلِقَ الإنسانُ ضعيفا"(٢٨) سورة النساء

"وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً (37)" الاسراء


دمتم بخير..

ربى

دفء!

هناك من يمر بحياتنا مُحدِثاً فوضى فكرية خلاقة تكتشف من خلاله طريقاً جديداً أوضح المعالم،  آخر يأتي مُصدِّقاً على تقاليد و عادات بالية و متخلفة (تكون تستنكرها مجازاً و غير مصدق لوجود أشخاص بهكذا "عقلية") فيجعل منك شخصاً أكثر فهماً للواقع و أكثر قدرة على التعامل معه و عُقَده!

و هناك من يدخل حياتنا مُسبغاً على برودها دفئاً، و على عتمتها شمساً، ذاك الذي يذكرك في صلاته، و لا يسامحك إن حدث و أخطأت في حقه، فهو على قدر عظيم من الحب و العطاء الروحاني، بحيث أنه لا يغضب ولا يحزن منك أبداً مهما بدر منك! حبه غير مشروط و لا حدود له!

الأول إن غاب؛ ازددت بحثاً و رقياً فكرياً
الثاني إن غاب؛ كسرتَ ألفَ جرّة وراءه
أما الثالث؛ فغيابه غياب للمعنى و نقصان في النفس!


دمتم ب "دفء"

ربى حب الرمان

Friday, October 9, 2015

Dear Friend

Dear Deena,

I write to you from my special and secret place. It took me nearly a week to reply; but I had to clear my mind!

I write to you as I gaze at some historical and mysterious stones, while wondering how I've turned from a child who detested the subject "history" at school to an ardent and curious history reader as an adult!

Allow me dear, to invite you to that "sweet temporary escape" you long for. Lest your fire extinguish!

Now at the age of twenty six
My soul is more keen after its quest
On the floor of the hallway it all commenced
Our conversation of the divinity was indeed immense
Four years have lapsed since then
And on the same path I am still
Some closed doors were unlocked
Yet even more doors have popped!
It is the journey itself that I enjoy
For Knowledge is both power and joy!

Pray for me my dear

Love,

Ruba









Friday, September 18, 2015

اعلاميي الفتنة!

أثناء تصفحي لموقع الهلاك الاجتماعي "الفيسبوك" وقع ناظري على منشور لاعلامي عربي معروف, يطلق على نفسه لقب "الدكتور", و هذه المرة الثانية التي يقع ناظري على منشور تافه و طائفي له, لذا قررت الدخول لصفحته للاطلاع على باقي منشوراته.
ليتني لم أفعل, فبعد قراءة منشورين أو ثلاثة, أصابني تسارع في ضربات قلبي و شعرت بالاعياء. عوض أن ينشر الأخ الدكتور الاعلامي المثقف منشورات تحذير من الخطر المحدق بالقدس و الأقصى, و من الاشتباكات التي تحصل في عدة مناطق في الضفة و سبل مواجهة هذا الخطر و أهمية وقوفنا جميعا على اختلافنا صفا واحدا مرصوصا,  يقوم حضرته بنشر كلام يحث على الفتنة, كل ما رأيت من منشورات محتواها يذم هذه الدولة و تلك, و اذا ما قمت بقراءة التعليقات ستعرف أنه نجح في تغذية جذور الفتنة و الطائفية! و أتسائل ما الفرق بينه و بين داعش و الصهيونية؟ الجواب هو: لا فرق على الاطلاق!
الاعلام و ثقافة المجتمع السائدة و الافكار التي يبثها من على المنابر, سواء منابر دينية, أو ثقافية, أو اخبارية, هي خط الدفاع الأول عن وحدتنا. و قد نجح و أقولها اسفة, الموساد و غيرهم من اعتلاء منابرنا, و بث الفتنة و الطائفية بألسن عربية!
"كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته", هكذا قال رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام, و هنا أتوجه بالسؤال الى اعلاميينا و رجال الدين المسيحين و المسلمين, و أعلام الثقافة, هل قمتم بواجبكم على أكمل وجه؟
و في هذا الصدد, أذكر المطران عطا الله حنا, رجل الدين الوطني القومي, و من أشد المدافعين عن القضية الفلسطينية و له الكثير من المواقف النبيلة, و قد استضافته جمعية عيبال الخيرية و كان لي الشرف أن أحضر محاضرته القيمة و سأحدثكم باختصار عن أهم النقاط التي ذكرها.
بداية, ركز المطران السمح على العلاقة الطيبة بين المسلمين و المسيحين في فلسطين, و عن وحدتهم و مواقف كل من الطرفين في حال تعرض أي منهم و حتى مقدساتهم الى أذى, فالطرفان يذودان عن القضية الفلسطينية أولا و عن وحدتهم ثانيا. مع العلم بأنه و مجموعة أخرى من رجال الدين المسيحي يدافعون حاليا عن المسجد الأقصى, ليس خطابة و كلاما فحسب, بل ذهبوا الى باحاته و وقفوا جنبا الى جنب مع المسلمين.
أكد المطران و في أكثر من مناسبة على أهمية نشر الوعي بين الناس و توجيه نظرهم الى الخطر الكبير المحيط بفلسطين و عن أنها القضية الأولى للعرب, و دعا الى تغير المناهج التي تبث بين سطورها الفتنة و الطائفية, كما يناشد رجال الدين المسلمين أيضا بأهمية دورهم في نشر الوعي و دحض الفتنة و الخطر المحدق بنا جميعا.
أليس هذا بالنهج الذي يتوجب أن يسلكه كل ذا منصب أو مكانة لها علاقة و تأثير مباشر بالناس؟ ما الفائدة من الذم الذي غالبا ما يكون ملفقا و صفيقا و خبيثا؟ ان كنت ترغب بالأصلاح حقا و ان كان يهمك أمر الأمة, أليس بالأجدر بك أن تنشر ثقافة السماحة و الوحدة و الحب؟ أليس من الأجدر بك توجيه الأنظار و العداوة نحو الصهاينة؟ الويل لكل اعلامي و لكل مدع للثقافة و لكل رجل دين قام بتسخير منصبه للتضليل و نشر الفتنة و النعرات.
ما باليد حيلة, و للمرة الأولى سأستعيض عن "دمتم بحب أو سلام" كما اعتدت ب "حسبنا الله و نعم الوكيل"!


ربى حب الرمان

Saturday, August 8, 2015

قليل دائم

"قليل دائم خير من كثير منقطع"

هذا تماما ما تحتاجه البلاد، الديمومة في الفعل و إن قل، لا ثورة أو فورة غضب لحدث ضجت به وسائل الإعلام و سُرعان ما يطفئها خبر عن ارتفاع سعر البنزين أو حتى حفل لفرقة موسيقية كبيرة!

ما يحدث في الخفاء و من وراء الكواليس و الإعلام المتحيز و المنتَقِ لخبر على حساب آخر هو صاحب الصدى الأعظم و الخطر الأكبر و المحدق بنا من كل طرف و جنب. إلّا أن مشاعرنا المرهفة و السريعة التبدد هي مبلغنا من العلم، أقول ذلك آسفة!

أود لفت النظر هنا خصيصا، إلى أمر في غاية الخطورة، ألا و هو إصدار شهادات وفاة مزورة لأصحاب أراضٍ في بلادنا، و بيعها للصهاينة، حيث حدث أن سمعت مصادفةً قصة حصلت مع أحد الأشخاص منذ فترة، و لم يزل وَقعها في نفسي كالصاعقة.

و في مشهد آخر؛ مفاخرة  تاجر ببضاعته الاسرائيلية، و اغماضنا لأعيننا كما إغفال ضمائرنا عن التحري عن أصل وفصل البضاعة!

الحداد يجب أن يتخذ صفة الاستمرارية، و الحزن لا بدّ من أن يتخطى الثلاثة أيام!
الفِطنة ثم الفطنة، اغضب، تيقن، و توكل..

ربى حب الرمان

Friday, July 10, 2015

لُوثة ثقافية

اللُّوثة حَسْبَ تعريف المعجم هي: الحُمْق أو مَسّ الجنون أو طرفه.
ارتأيت أن أكتب اليوم عما سأسميه "اللُّوثة الثقافية"؛ ذلك المَس الغَربي الذي أصابَ شريحة لا بأس بها من مجتمعاتنا العربية و بالأخص فئة الشباب!

خُذُوا مني المشهد التالي؛

جلسة ثقافية لمناقشة كتاب سياسي مهم،  يتحلّق حول الطاولة المستديرة في مقهى في جبل اللويبدة عشر أشخاص، من الشباب من يرتدي قبعة غربية و يطلق لحية خفيفة، و منهم من يقف شعره على رأسه بطريقة عبثية و يَلُّفُ عنقه كذلك بشالٍ عبثي أيضا، و كذلك بعض الفتيات (بالنسبة للشال).
تأخرت الجلسة حتى بدأ النقاش، و ذلك بسبب عدم التزام الجميع بالحضور بالوقت المتفق عليه، و ما إن اكتمل العدد؛ بعد ساعة تقريبا، بدأ كل شخص بالتعريف عن نفسه. لم يكن الكتاب بحوزة أحد إلا شخصين، و لم يقرأ الكتاب فعليا إلا ثلاثة أشخاص!

بالنسبة لمن قرأ الكتاب، اتخذت الجلسة منحنىً مخيباً للامال، كان كل شخص يُدْلي بدَلْوِه من غير عِلم و انتهت الجلسة بنقاش بعيد كل البعد عن محتوى الكتاب-القيّم جدا بالمناسبة-و بحديث سطحي عابر، و بتبادل أرقام و عناوين شبكات التواصل الاجتماعي!

اللُّوثة الثقافية التي أتحدث عنها، هي لوثة المظهر الثقافي الخداع، و إن كان صاحبه مثقفا حقا، لِمٓ هذا التكلف؟ و لماذا لا نحافظ على هويتنا؟ كل ما حولنا يحاول طَمسَ هويتنا العربية و الغالبية العظمى و شريحة عظمى من المثقفين أنفسهم انقادت نحو ازالة أي شرش و مظهر عربي أصيل فينا!

مطلوب منك كمثقف أولا، أن تقوم بإحياء هويتك و المظهر بالمناسبة جزء كبير من الهوية و إن خالفني في الرأي الكثير! لِمَ أذن لا ترى أي من المثقفين و الاعلام الغرب يقلدوننا بلباسنا أو أساليبنا كما نقلدهم نحن؟!
و بالمناسبة، الثقافة ليست "موضة"، و ليست نادي كتاب و لا اقتباسات، و ما كل كتاب يُقْرَأْ، قراءة القصص و الروايات الركيكة في أغلب الأحيان لا تضيف للقارىء شيء سوى مضيعة الوقت! انْتَقِ ما تقرأ، مهم أن تقرأ ما يتوافق و أفكارك لكن الأهم أن تقرأ ما يخالفها و يعاكسها لتنفتح لك أفاق جديدة.

القبعة و الشال و نادي الكتاب و رواية لأغاثا كريستي أو روايات الحب لا يجعلونك تتَّسِم بِسِمَة من سمات الثقافة لا من قريب ولا من بعيد!
و ليس التزمت من الثقافة بشيء، و لا أن تدعي تقبل الفكر الآخر بينما تنفجر غضبا عند أول نقاش!

أجارنا الله و إياكم من اللُّوثة الثقافية!

دمتم بسلام..دمتم بهوية عربية صلبة

ربى حب الرمان

Sunday, May 24, 2015

كم من الوقت يستغرق تناول الدواء عن الرف

ترتجف يداي و أنا أهّم بالكتابة عن مهنتي و التي و بدون أي مبالغة تأخذ ما يزيد عن ثمانين بالمئة من وقتي و من حياتي اليومية!
أكتب إحتفاءً بالصيدلة و بالصيادلة أجمع، بل و أكتب أيضاً إنصافاً للجنودِ المجهولين الذين نمثلهم، و لتوضيح الإشكال و لتصحيح النظرة العامة و المغلوطة من قِبَل شريحة كبيرة جداً و للأسف من المجتمع؛ و المقولة التي نسمعها دائما استخفافا بعملنا: "كم من الوقت يستغرق تناول الدواء عن الرف!"

اسمحوا لي أن أخبركم كم من الوقت يستغرق تناول الدواء عن الرف؛ ثوانٍ في الواقع، هذا في حال كنت تحفظ مكان الدواء صمّاً و لم يقم أحد مشاكس بتغير مكانه!
اذاً لم كل هذا التأخير؟!
بدايةً، دعوني أخبركم عني، صيدلانية بدرجة "دكتور صيدلة"، أعمل و بكل فخر بمركز الحسين للسرطان، في الصيدلية الداخلية تحديداً!
أفتخر، نعم، و بالرغم من كل الصعوبات و التحديات و الضغوطات الواقعة على عاتقنا، و ذلك لسبب بسيط، و هو تطبيقنا لسياسات و أنظمة عالمية تحرص كل الحرص على تقديم أفضل رعاية صحية للمرضى، و مع العلم بأني كنت قد تدربت في ثلاث مستشفيات أخرى، و لم أجد ما يريح ضميري و يروي عطشي المستمر للعلم و التطور مثل مركز الحسين. و كلنا من صيادلة متفقون على ذلك و إن كنا حقا مرهقين و متعبين من الضغط الكبير الذي نواجهه!
كي لا أبتعد كثيرا عن الهدف الأساسي للمقالة، ألا و هي إنصاف الصيادلة، سأروي لكم لمحات عن عملنا اليومي.
قبل أن نتناول الدواء من "الرف"، نقوم بالتأكد من صلاحية الوصفة الطبية، و ملائمة الجرعة الدوائية لعمر المريض و حالته و فيما اذا كان المريض يتحسس من هذا الدواء، و التأكد اذا كان ملائما و لا يتفاعل بشكل سلبي مع المشاكل الصحية الأخرى التي يعاني منها و الأدوية الأخرى التي يتناولها، و نقوم أيضا بتصفح ملف المريض، و يقوم صيدلاني اخر بالتحقق مع الصيدلاني الأول من صحة الجرعة و الدواء و غير ذلك.
و لا أكتب هذا استهانة أو تقليل أو تشكيكاً بعلم و قدرة أي شخص، إلا أنه و بطبيعة دراستنا فالصيادلة هم الأعلم و الاكثر معرفة من أي شخص اخر بالدواء و تفاصيله، كما يكون الطبيب أكثر معرفة و علما بتفاصيل المرض منا، فعملنا فعليا كصيادلة و أطباء و ممرضين مكملا لبعض و عليه نقوم و إن خفي للكثير بتصحيح الجرعات و النصح بتغيير الدواء إلى اخر يكون أكثر ملائمة و أكثر أمناً و فعالية لحالة المريض، بعد مناقشة الطبيب.
هذا فقط غيضٌ من فيض كما يقولون، فنحن أيضاً بالصيدلية الداخلية نقوم بتحضير الادوية التي يتم إعطاؤها عن طريق الوريد في غرفة معقمة، تحتوي على نظام يعمل على تعقيم الهواء و لا يدخلها أحد إلا بعد ارتداء لباس خاص معقم، و يقوم صيدلاني أو مساعد صيدلاني بتحضير الدواء و يقوم اخر بالتحقق من أنه تم سحب الجرعة الصحيحة من "الأمبولة" (الابرة التي تحتوي الدواء) و حلّها في المحلول الملائم بالحجم الملائم و بالتقنية الصحيحة التي تضمن التعقيم التام.

كنت قد وصفتنا الجنود المجهولين، لأننا كذلك فعلاً، و الكثير من المرضى و المراجعين يستهجنون المدة التي نحتاجها قبل صرف الدواء، و حتى في كتب الشكر و مع أننا لا ننتظر الشكر (و نفعل ما نفعل ارضاءً لله أولاً و حرصاً على سلامة المرضى) لا يتم ذكر الصيادلة إلّا ما ندر، بسبب قلة الاحتكاك ربما و عدم وعي الكثير بالدور الهام و الكبير الذي نلعبه في مصلحتهم أولاً و اخراً، و بمساهمتنا المباشرة و لو من وراء الكواليس بعلاج المريض و حصوله على أفضل رعاية.

في الختام، أتمنى أن أكون قد ساهمت و لو قليلاً في إنصاف المهنة أولا و من ثَمّ الصيادلة، و تغيير نظرة المجتمع لها!

دمتم أصحاء في أبدانكم و أنفسكم، دمتم بحب

ربى حب الرمان

Archive

About Me

My photo
On a journey of exploration...