بتثاقل، حمل بدنه الضخم المُتعب و غادر العيادة، ليلتف فجأة رامياً نظرة غريبة يملؤها حزن و امتنان في الوقت ذاته قائلاً: "أشوف وجكم بخير". بدت لي و كأنها المرة الأخيرة، فقد حفظت ملامحه و قصصه و كلامه و اوجاعه، بدا غريباً على غير العادة.
بشارع السعادة، منذ عقود، كان يمتلك محل أحذية، حتى جاء رئيس البلدية و صادره منه في الوقت الذي تم فيه تشخيصه بالمرض!
ليتحول من تاجر ميسور الحال، إلى رجل مريض يلجأ إلى صناديق المعونة.
أسمع القصة ذاتها في كل زيارة، و الدعاء ذاته على من أوصله إلى هذا الحال. غير أنه و بالرغم مما يعانيه، بشوش و يتمتع بحس الفكاهة.
أخبرني اليوم، بأنه في شبابه كان قوي البنية، صحيح البدن و بأنه وقع في احدى المرات من الطابق الثاني ليقوم و يكمل عمله، و لم يتوقع في يوم أن يصبح ضعيفا و مريضا.
غادر العيادة، مخلِفاً وراءه صمتاً رهيباً و جواً كئيباً!
قررتُ نشر قصته، و تناولت مسكناً قبل البدء، عل الصداع يقل، و لكن حدة الصداع زادت!
تذكرت آيتين كريمتين؛ فيهما درسٌ لنا جميعاً:
"و خُلِقَ الإنسانُ ضعيفا"(٢٨) سورة النساء
"وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً (37)" الاسراء
دمتم بخير..
ربى
No comments:
Post a Comment