اللُّوثة حَسْبَ تعريف المعجم هي: الحُمْق أو مَسّ الجنون أو طرفه.
ارتأيت أن أكتب اليوم عما سأسميه "اللُّوثة الثقافية"؛ ذلك المَس الغَربي الذي أصابَ شريحة لا بأس بها من مجتمعاتنا العربية و بالأخص فئة الشباب!
خُذُوا مني المشهد التالي؛
جلسة ثقافية لمناقشة كتاب سياسي مهم، يتحلّق حول الطاولة المستديرة في مقهى في جبل اللويبدة عشر أشخاص، من الشباب من يرتدي قبعة غربية و يطلق لحية خفيفة، و منهم من يقف شعره على رأسه بطريقة عبثية و يَلُّفُ عنقه كذلك بشالٍ عبثي أيضا، و كذلك بعض الفتيات (بالنسبة للشال).
تأخرت الجلسة حتى بدأ النقاش، و ذلك بسبب عدم التزام الجميع بالحضور بالوقت المتفق عليه، و ما إن اكتمل العدد؛ بعد ساعة تقريبا، بدأ كل شخص بالتعريف عن نفسه. لم يكن الكتاب بحوزة أحد إلا شخصين، و لم يقرأ الكتاب فعليا إلا ثلاثة أشخاص!
بالنسبة لمن قرأ الكتاب، اتخذت الجلسة منحنىً مخيباً للامال، كان كل شخص يُدْلي بدَلْوِه من غير عِلم و انتهت الجلسة بنقاش بعيد كل البعد عن محتوى الكتاب-القيّم جدا بالمناسبة-و بحديث سطحي عابر، و بتبادل أرقام و عناوين شبكات التواصل الاجتماعي!
اللُّوثة الثقافية التي أتحدث عنها، هي لوثة المظهر الثقافي الخداع، و إن كان صاحبه مثقفا حقا، لِمٓ هذا التكلف؟ و لماذا لا نحافظ على هويتنا؟ كل ما حولنا يحاول طَمسَ هويتنا العربية و الغالبية العظمى و شريحة عظمى من المثقفين أنفسهم انقادت نحو ازالة أي شرش و مظهر عربي أصيل فينا!
مطلوب منك كمثقف أولا، أن تقوم بإحياء هويتك و المظهر بالمناسبة جزء كبير من الهوية و إن خالفني في الرأي الكثير! لِمَ أذن لا ترى أي من المثقفين و الاعلام الغرب يقلدوننا بلباسنا أو أساليبنا كما نقلدهم نحن؟!
و بالمناسبة، الثقافة ليست "موضة"، و ليست نادي كتاب و لا اقتباسات، و ما كل كتاب يُقْرَأْ، قراءة القصص و الروايات الركيكة في أغلب الأحيان لا تضيف للقارىء شيء سوى مضيعة الوقت! انْتَقِ ما تقرأ، مهم أن تقرأ ما يتوافق و أفكارك لكن الأهم أن تقرأ ما يخالفها و يعاكسها لتنفتح لك أفاق جديدة.
القبعة و الشال و نادي الكتاب و رواية لأغاثا كريستي أو روايات الحب لا يجعلونك تتَّسِم بِسِمَة من سمات الثقافة لا من قريب ولا من بعيد!
و ليس التزمت من الثقافة بشيء، و لا أن تدعي تقبل الفكر الآخر بينما تنفجر غضبا عند أول نقاش!
أجارنا الله و إياكم من اللُّوثة الثقافية!
دمتم بسلام..دمتم بهوية عربية صلبة
ربى حب الرمان
No comments:
Post a Comment